قالت الكاتبة جينيفر هوليس إن السودان تقترب أكثر من أي وقت مضى من خطر الانقسام، بعد إعلان تحالف تقوده قوات الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية في دارفور.

ونقل تقرير عن دويشته فيله أعلنت قوات الدعم السريع، التي تسيطر على معظم دارفور وأجزاء من جنوب السودان، بالاشتراك مع جماعات مسلحة أخرى، تأسيس تحالف "تأسيس السودان" (TASIS) في مارس، متعهدة آنذاك بإنشاء "حكومة للسلام والوحدة" في المناطق التي تسيطر عليها.

والآن، يزعم هذا الكيان الجديد تحت اسم "حكومة السلام الانتقالية"، بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، أحقيته بإدارة البلاد بأكملها.

أعلن التحالف التزامه ببناء وطن موحّد طوعياً، ديمقراطي، علماني ولا مركزي، على أسس الحرية والعدالة والمساواة.

رفض دولي واسع وإدانات إقليمية
رفضت الحكومة المعترف بها دولياً، بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء كميل الطيب إدريس، هذا الكيان الجديد، واعتبرته "كياناً مصطنعاً" و"غير شرعي"، مؤكدة سيطرتها على العاصمة الخرطوم والمناطق الشمالية والشرقية والوسطى.

الاتحاد الإفريقي، الذي يضم 55 دولة، أعلن عدم اعترافه بما وصفه بـ"الحكومة الموازية"، محذراً من انعكاساتها الخطيرة على جهود السلام ومستقبل السودان.

وحذرت الأمم المتحدة من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعميق الانقسام وتعقيد المساعي الدبلوماسية الهادفة إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، بعد خلاف بين البرهان ودقلو حول دمج الدعم السريع في الجيش السوداني.

محاولة لفرض واقع سياسي جديد
يرى أمجد فريد الطيب، من مركز "فكرة للدراسات والتنمية"، أن الدعم السريع يسعى من خلال هذا الإعلان إلى تقديم نفسه كفاعل سياسي شرعي، وليس مجرد ميليشيا يجب نزع سلاحها. ويصف ذلك بأنه "مناورة سياسية محسوبة بعناية" لها تأثيرات عميقة على معركة الشرعية وسردية الصراع داخلياً ودولياً.

ويرجّح أن توقيت الإعلان جاء قبيل اجتماع مرتقب بين الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، كان من المفترض أن يمهّد لحوار بين الجيش والدعم السريع، غير أن الاجتماع أُلغي دون تحديد موعد جديد، مع ترجيحات بعقده في سبتمبر.

وأفاد مصدر دبلوماسي بأن الإمارات طالبت في اللحظة الأخيرة بعدم إشراك الجيش ولا الدعم السريع في المرحلة الانتقالية، وهو ما وصفته القاهرة بـ"غير المقبول تماماً".

يتهم الطيب الإمارات بمحاولة تغطية دعمها الفعلي لقوات الدعم السريع عبر الترويج لخطاب مدني غير واقعي، وسط تقارير أممية ودبلوماسية عديدة تشير إلى تورّط أبوظبي في تسليح وتمويل الدعم السريع، رغم نفيها.

الوضع الإنساني يزداد تدهوراً
يتزامن هذا التصعيد السياسي مع اشتداد القتال في وسط وجنوب السودان، ما يفاقم أسوأ أزمة إنسانية ونزوح على مستوى العالم.

وفقاً لتقرير حديث من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تجاوز عدد النازحين 12 مليون شخص، منهم 7.7 مليون داخل البلاد و4.1 مليون في دول الجوار. وتشير التقديرات إلى أن عدد القتلى تخطى 150 ألفاً.

أعلنت الأمم المتحدة أن الجوع والمرض والنزوح في تصاعد حاد، مؤكدة مسؤولية الطرفين عن السماح بوصول المساعدات. ويشير محمد عثمان، الباحث في هيومن رايتس ووتش، إلى أن الدعم السريع يعوق وصول المساعدات في دارفور وينتهك حياة المدنيين.

ويضيف أن الدعم السريع لم يوفر أي خدمات أو أمن في مناطق سيطرته، بل نشر الرعب عبر جرائم اغتصاب جماعي ومجازر ونهب وتخريب شامل للبنية التحتية.

مع تضاؤل فرص التفاوض وتصاعد التدخلات الإقليمية، يبدو السودان ماضياً نحو مزيد من الانقسام والفوضى، وسط غياب إرادة دولية حاسمة لإنهاء الحرب وإرساء انتقال سياسي حقيقي.
 

https://www.dw.com/en/sudan-is-a-rival-government-splitting-the-country-in-two/a-73483875